منوعات

البعاتي (ترَب البنّية) ..ما هو البعاتي !؟-9

سودابوست-٩/ البعاتي (ترب البنية)

من معتقداتنا الشعبية السودانية
سلسلة اساطيرنا الشعبية السودانية
د سلوى عبد المجيد أحمد المشلي

 

 

 

 

من اصعب البحوث ان تبحث عن اصل معتقد شعبي متجذر في ذهنه، و اؤمن كباحثة في هذا الميدان الفولكلوري (المعتقدات الشعبية) بأن اي معتقد موجود في ثقافة ما لابد من اصل له في الديانات البدائية القديمة، او في الديانات التي ذكرت في القصص التي ذكرها القرآن الكريم من اخبار الأولين او في الشرائع المكتوبة اليهودية والمسيحية او في الدين الاسلامي، وهي ليس بخرافة او خزعبلات وانما بطول الزمن والتداول يضيع الاصل ويتغير الاسم و رواية القصة بالاضافة والنقصان والتحوير ولكن يفضل البناء الاساسي لها

 

 

.
ماهو ترب البنية:

 

 

ترب البنية او نسل البنية هما اسمان لمعنى واحد وهو الاعتقاد بقيام بعض الاشخاص المتوفين من الموت والعودة لزيارة ذويهم، وهم يتناسلون بهذه الصفة الوراثية جيلا بعد جيل.

 

 

معنى ترب البنية:

 

في قاموس المعاني ترب بفتح حرف التاء والراء هي من الترب بضم حرف التاء وهو التراب وعرفه بما لان من سطح الأرض.
الترب لفظة نطلقها في عاميتنا السودانية للمقابر التي يدفن فيها الموتى.

 

 

وترب الشيء اذا وضع عليه تراب، ويكال التراب عادة على الميت بعد وضعه في التربة.

 

ترب البنية يعني نسل للبنية (البنت او الفتاة) العائدة من التُرب او المقابر.
ونسمي الذي يقوم من الموت (بعاتي) أو البعاتي.

 

 

نسل البنية:
النسل في قاموس المختار الصحاح هو الولد والذرية، ونسل الولد اي تناسلوا اي وولد بعضهم من بعض.

 

قصة ترب البنية:

 

يؤمن المعتقد الشعبي ان بعض الاسر السودانية يعود افرادها من الموت بعد دفنهم ليلاّ لآل بيتهم وينادي العائد على أهل بيته فرداّ فرداّ ويضرب الباب او النافذة ليفتحوا له ولكن يخافون ولا يفتحون له فيعود ادراجه للمقابر، و عندما يعودون لزيارتهم يرتدون الكفن الابيض في شكل شبح
و يتكلمون بصوت منخنخ اي صوت ثقيل يطلع من الأنف.

 

و نجد كثير من المشاهد التمثيلية في الدراما السودانية تلبس الممثل لبس ابيض ككفن كناية عن انه شبح ميت يعود ليخوف الناس وهذا دلالة على رسوخ المفهوم في الذهن الشعبي ولكن بطريقة اخرى.

 

قصة عن ترب البنية:

 

 

روت لي امرأة ذات ثقة عن العجايب التي عاشتها في سن صغيرة وهي تسكن الخرطوم بحري ومقابر حلة حمد

 

و خوجلي قريبة من المنطقة ، وان جارتهم رجعت في الليلة التي دفنت فيها بالليل لبناتها وعندما لم يفتحوا ذهبت لجارتهم وضربت لها الشباك وقالت لها يا فلانة انا فلانة جيت ازور بناتي ما فتحوا لي الباب، وان المرأة اصابها الخوف ومرضت بالحمى ثلاث ايام.

 

 

واستمرت تحكي ان من يموت من الاسرة بعد تجهيز جثمانه يخرجون من كان معه لحظة الغسل بغرض وداعه، فيقولون له: يا فلان نحنا راحلين من البيت ده وتاني ما جايين ثلاثة مرات للتأكيد حتى لا يعود ويحرجهم مع جيرانهم .

 

 

قصة أخرى عن البعاتي :

 

حسب ما وصلتني من قارئة. وحزفت الأسماء و المنطقة:” قالو شكلة وشمارات نسوان وصلت الشرطة وتم فتح بلاغ في مواجهة المتهمات والتهمة ان نساء في (-) واحدة فدادية امها توفيت وقالو طلعت بعاتية و النسوان في جلسة شتمو الفدادية بان امها بعاتية ودون البلاغ وايدته النيابة و عملو اعلانات حضور للمتهمات وكانت من ضمنهن (-) جابوهم محكمة (-) بدأؤ بسؤال النسوان واحدة واحدة الا (-) اصرت ان الزولة دي امها طلعت بعاتية كررو السؤال ثلاث مرات
و (-) مصرة سألها القاضي (-) قال ليها خلاص تمشي تجيبي البعاتية وتجي فكان رد (-): (نجيبي من وين دا جاهدا ملايكة مرقت منهم اني نقدر نجيبي)”.

 

 

وجعلناه من نسل البنية:

 

هذا الارث من نسل البنية يعود لحديث نسبه العامة للرسول عليه الصلاة السلام ان إمرأة امنته ابنتها وسافرت، ولكن توفت البنت ودفنت، و عندما عادت المرأة ظلت تبكي وتطالبه بان يرجع ابنتها حية، وان الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يده في قبرها ودعا قائلا : وجعلناها من نسل البنية، فعادت الحياة للبنت ثم ماتت.

 

 

أصل القصة:

 

ذكرها الحافظ ابوبكر البهيقي في” دلائل النبوة” عن ابي هريرة عن انس بن مالك قال: ادركت في هذه الامة ثلاث لو كانت في بني اسرائيل ما تقاسمتها الأمم، قلنا : ما هن با ابا حمزة؟ قال؛ كنا في الصفة عند رسول الله (ص) فأتته إمرأة مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ،

فأضاف المرأة للنساء، و أضاف ابنها الينا ، فلم يلبث ان اصابه وباء المدينة فمرض اياماّ ثم قبض، فغمضه النبي (ص) وأمر بجهازه، فلما أردنا أن نغسله قال يا أنس؛ أئت أمه، فأعلمها فأعلمتها، قال؛ فجاءت حتى جلست عند قدميه ، فأخذت بهما ثم قالت؛ اللهم اني أسلمت لك طوعا،ّ و خلعت الأوثان، و فلا تحملني من هذه المصيبة ما لا طاقة لي بحمله ، قال: فوالله ما انقضى كلامها حتى حرك قدميه و ألقى الثوب عن وجهه وعاش حتى قبض رسول الله (ص)، و حتى هلكت أمه، وذكرها عنه الحافظ بن كثير في كتابه” البداية والنهاية” الجزء السادس .

 

 

(بن كثير، (بدون تاريخ): 259-260)
سأفرد منشور في معجزة نبي الله عيسى باحياء الموتى، ولمن عاد من الموت في قصص القرآن الكريم من سورة البقرة والكهف وآل عمران.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى