إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقد السودان اليوم أحد أعظم رجالاته وأوفى أبنائه، الشهيد محمد يوسف العركي حمد النيل، الذي ارتقى إلى جوار ربه بعد مسيرة حافلة بالجهاد والصبر والتضحية دفاعاً عن كرامة الوطن في وجه الظلم والطغيان. كان الشهيد مثالاً للبسالة والإخلاص، وقد جسد أروع معاني التضحية حين وضع روحه على كفه ولم يهاب الموت وهو يؤدي مهامه الجسيمة لخدمة شعبه ووطنه
برز الشهيد في معركة الكرامة كأحد الأعمدة التي اعتمد عليها الوطن في أحلك الظروف، حيث تصدى للمخاطر بكل شجاعة. ومن أبرز إنجازاته البطولية ما قام به في عملية دار الهاتف، عندما اقتحم وسط نيران القناصة التي أحاطت بالمكان من كل جهة، وتمكن من تنفيذ عملية نوعية حافظت على استمرار تشغيل تطبيق “بنكك”، الذي يعد شريان حياة لملايين السودانيين داخل البلاد وخارجها. لم يكتفِ بذلك، بل قام بعملية مماثلة في الأقمار الصناعية بالشقيلاب، ورغم معاناته من مرض السكري وتدهور حالته الصحية، أصر على إكمال مهمته بروح الأسد التي لا تعرف الخوف.
لقد كان الشهيد محمد يوسف العركي نموذجاً للوفاء والإيثار، حيث جاب بين المواقع الاستراتيجية في البلاد من دار الهاتف إلى مركز البيانات في الخرطوم جنوب، متحملاً كل الصعاب في سبيل استمرار الخدمات التي يعتمد عليها كل بيت سوداني. وبعد شهور طويلة قضاها في زنازين مليشيات الغدر والبغي، ارتقى إلى ربه شهيداً.
ونشهد الله أنه بذل حياته لخدمة وطنه، وحفظ للشعب السوداني أمانة عظيمة. نسأل الله أن يتقبله في عليين، وأن يجعله من الشهداء الذين قال عنهم: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” [آل عمران: 169].
رحم الله الشهيد، وأسكنه الفردوس الأعلى، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان