ابو لمبة بين الاسطورة و الحقيقة، من معتقداتنا و عاداتنا الشعبية السودانية
د. سلوى عبد المجيد احمد المشلي
٩/ سلسلة اساطيرنا الشعبية
نحن صغار نخوف من الجن بالشكلوته و ام بعلو والغول و قد وردوا في كثير من القصص المتداولة قديما في حكايات الحبوبة قبل النوم ذلك باستدعاء الغول مثلا ليأكلك خاصة إذا لم تنم الطفل بالليل في وقت نومك، فيغمض جفونه و يستسلم للنوم خائفا من قدوم الغول كما في قصة (فاطنة السمحة).
يقول الراوي محمد خليفة:” نحنا صغار في في مشروع الجزيرة واحد من الجن يدعى (ابو فنوار) بضيع الناس في الخلا و معظم المزارعين والحمير يعرفوه و كذلك الناس البتشغل بالليل عند توزيع الماء في الحواشات ليلا فيظهر فجأه امام الحمار فتجد الحمار يضع راسه في الأرض و تجد الفانوس يصعد على رأس الحمار و يقود الحمار في الظلام فيضيع الناس في الخلا وهذا معروف عند المزارعين”.
وايضا نسمع أن في منطقة كرري العسكرية كثير ما يضلل الناس فيظهر في شكل شخص يحمل لمبة تضيء الطريق فتهتدي به و تتوه و يسمى ب(ابو لمبة) و( ابو فانوس) و( ابو سراج)، (أبو نويرة) و (ابو فنوار ) كما يسمى في الجزيرة .
العفريت ابو لمبة :
يظهر في الليل و عند الفجر قُبيل شروق الشمس في الخلاء يحمل مصباحا أو فانوسا، و هو ((الغول)) و سنوضح ذلك: عند العرب كما ذكره الرحالة المسعودي في كتابة :”مروج الذهب ومعادن الجوهر” بأن بعض الفلاسفة ذكروا أنه حيوان شاذ من جنس الحيوان، مشوه وأنه لما خرج منفردا في نفسه و هيئته توحش من مسكنه وسكن( القفار)، وهو يناسب (الإنسان) والحيوان البهيمي في الشكل.
وزعمت طائفة من العرب أن الغول اسم كل شيء يعرض في (الاسفار)، ويتمثل في ضروب من الصور ذكرا كان ام انثى، إلا أن اكثر كلامهم أنثى.
وقد قال أبو المطراب العنبري: “و غولا قفره ذكرا وأنثى. كأن عليهما قطع النجاد”.
وقال الصحابي كعب بن زهير:
” فما تدوم على حال تكون بها. كما تلون في أثوابها الغول”
قد كانت الغول تتراءى لهم في( الليالي والخلوات) فيتوهمون أنها إنسان فيتبعونها فتزيلهم عن الطريق التي هم عليها وتتيههم.
و قد ذكر جماعة من الصحابة ذلك منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشام وأن الغول كانت تتغول به وأنه ضربها بسيفه، وذلك قبل ظهور الإسلام وهذا مشهور عندهن في اخبارهم. (المسعودي :465-466).
و قد ذكر أن بعض اهل الشرائع ذكروا ان الله تعالى خلق الجان من نار السموم وخلق منه زوجته، كما خلق حواء من آدم.
و أن الجان غشيها فحملت منه وأنها باضت إحدى و ثلاثين بيضة، وإن إحدى البيضات اخرجت الغيلان وهم يسكنون الخلوات و الفلوات.(نفسه: 467-468)
نور اللمبة:
يفسر أن نور أبو فانوس :”ظاهرة ضوئية غير مألوفة قد تُصادف بعض المسافرين والمغامرين في المناطق النائية والصحراوية في شبه الجزيرة العربية حيث وثّقت عدّة مشاهدات لها، تتمثل في ظهور كرة مضيئة متوهّجة تلمع حينًا وتخفت حينًا آخر، قد تتحرك بسرعة، مقتربًة أو مبتعدًة عن الرائي ثم تختفي، كذلك إذا حاول الرائي الاقتراب منها فإنها تختفي وقد تظهر في مكان آخر، لم يجرِ تدقيق هذه الظاهرة بشكل علمي أو موضوعي لذلك لا يوجد ما يؤكد هذه الحقيقة ولا يوجد ما يفسرّها”.
وهل يستطيع أحدا أن يثبت وجود الغول ليفسر؟
كيف تبعد العفريت ابو لمبة:
يربط البعض بين هذه الظاهرة وبين ما رُوى عن النبي محمد من حديث الصحابي جابر بن عبد الله قوله: «… وإذا تغوَّلَتْ لكم الغِيلانُ، فبادِروا بالأذانِ …»
وحديثٍا آخر لجابرٍ عن النبي يقول فيه: «لا عدْوَى، ولا طِيَرَةَ، ولا هامَةَ، ولا صفَرَ، ولا غُولَ».
و يقول ابن الأثير في كتابه :”النهاية في غريب الحديث والأثر: “الغول: أحد الغيلان، وهي جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا: أي تتلون تلونا في صور شتى،
وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم، فنفاه النبي ﷺ وأبطله، وقيل: قوله: لا غول ـ ليس نفيًا لعين الغول و وجوده، و إنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله، فيكون المعنى بقوله: لا غول ـ أنها لا تستطيع أن تضل أحدا، ويشهد له الحديث الآخر: لا غول
ولكن السعالي ـ السعالي: سحرة الجن: أي ولكن في الجن سحرة، لهم تلبيس وتخييل، ومنه الحديث: “إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان ـ أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى، وهذا يدل على أنه لم يُرد بنفيها عدمها”.( ويكبيديا)
و في الختام ابولمبة موجود في كل زمان و مكان فلاة.