الموت الطقسي الاختياري.. معتقدات وعادات
د. سلوى عبد المجيد أحمد المشلي
الموت الطقسي:
هو موت لكبير السن سواء كان رب الأسرة او شيخ العشيرة او غيرة بأقتناعة قسريا من قبل المجتمع الذي يعيش فيه، وفق طقوس معتقدية معينة.
الموت الطقسي عند بعض قبائل النيل الأزرق:
عند القبائل التي تعيش على الحدودالسودانية الأثيوبية مثل البرتا و القمز و غيرهم درج هؤلاء قديما على دفن الرجل عندما يتقدم به السن ويتعطل يدفعه أهله للإنتحار بطريقة طقسية.
و بعد أن يقتنع بذلك يعلن رحيله للحياة الآخره.
الإستعداد للإحتفال بموته:
طحن الذرة وصنع المريسة، حفر القبر ولكل قبيلة أسرة متخصصة في حفر القبر، و بحفرها تبدأ الإحتفالات رسميا من غناء و رقص.
ويزور المحتفى به كل يوم بموكب خاص على حصان او بغل قبره و يبدي ملاحظاته.
يحفر القبر مثل البئر وكلما نزلوا يوسعونه، ويوضع بداخله دكة وثيرة مثل كرسي القماش ليجلس عليها الميت.
وعند إكتمال القبر يحدد يوم الموت وتنحر الذبائح و يبدأ الغناء والشرب ثلاثة ايام بلياليها، ويقسم الميت ثروته.
زف الميت:
يزف الميت في عصر اليوم الثالث و هو بكامل زينته من سكسك وخرز وكحل وحوله الحسان والطبول و المزامير، وعندما يصل القبر يجري عدة اشواط ثم يترجل بين صوت الزغاريد و عبارات التشجيع ويصافح مودعيه.
القتل الطقسي:
يدخل الراحل القبر هو الكجور(المفوض للقيام بطقوس الاسبار ) ، حاملا المبخر و قرعة مريسة ويتلو عليه بعض اساطير الاجداد ة يشرح له كيفية استخدام الاشياء التي تدفن معه، ثم يناوله قرعة المريسة وبها مخدر ويعزم عليها الكجور و كلما احتسى منه عزم عليه و بسرعة يدب الوهن في اطراف الراحل فيضع الكجور الحربة بين يديه و يصعد لظهر الارض ويعطي إشارة لجماعة الدفن ، ويستمر الكجور يدعي و عندما يخفت صوته يقف الكجور فتنطلق الزغاريد و يعودون يواصلون الحفل و يتقبلون التهاني من المعارف و الاصدقاء.(الطيب، 2010 م:16-17)
أصل القتل الطقسي:
وتعود فكرته الا ان ضعف الانسان امام قوى الطبيعة في المراحل البدائية من تطور المجتمع البشري، لوجود صلة بين الحالة الجسمانية لزعيم العشيرة وبين سلامة العشيرة و الظواهر والمؤثرات الطبيعية بحسب السحر الهيوميوباتي فإن مصير روح (الملك- الإله) لها اثر فعال فإنهيار قواه او ظهور الكبر او المرض يؤدي إلى ضعف عام في الطبيعة.
نجد في مملكة مروي كان الكهنة يقومون بأداء طقوس العبادة و يملكون سلطات على تنفيذ القتل الطقسي للملك ، وفي عهد بطليموس الثاني تمكن الملك النوبي اركماني(218- 200 ق.م ، الهرم رقم(7) بالبجراوية) والذي نال قسط من تعليمه في مدرسة إغريقية ونهل من منابع الفلسفة، من وقف القتل الطقسي وهاجم الكهنة في معبدهم بجبل البركل( 78: 1922,Giriffith).
يرى بعض العلماء ان آثار الملك الإله في السودان القديم والتي دامت عدة قرون على ظهور مؤسسة الملك الإله في في المناطق الواقعة على طول الطريق عبر القارة الأفريقيةمن الشرق للمغرب بين الصحراء الكبرى و في الشمال والغابات الاستوائية في الجنوب مثال مملكة يوكون في اعالي نهر النيجر.( 176-177: Arkell, 1962 ).
ان عملية القتل الطقسي ليست من صفات القارة الافريقية وحدها غي مناطق اخرى من العالم القديم كما ذكرها جيمس فريزر في كتابه:” الغصن الذهبي”.
استمرت هذه العادة عند القبائل المنعزلة التي حافظت على معتقداتها.