“المبادرة التركية” بالصيغة التي كتب عنها الصحفي عثمان ميرغني، والتي تحدثت عن ثلاثة محاور بدون أي مرجعيات واضحة، هي ليست فقط أسوأ من منبر جنيف، بل القبول بها يفرط في مكتسبات منبر جدة، بل ويفرط حتى في قرار مجلس الأمن ٢٧٣٦ القاضي بفكّ الحصار عن الفاشر.
ما عرضه الزائر التركي -مجدداً حسب أستاذ عثمان ميرغني- ليس تفاوض مباشر مع الإمارات باعتبارها قائد حرب العدوان الثنائي، بل رفع للحرج عن أبوظبي، والتعامل معها كوسيط وليس كطرف وفق مجموعة الـ ALPS التي رفضتها الحكومة في أغسطس الماضي رغم الضغوط الرهيبة، والمعروض لم يتطرق لأي حديث عن تعويضات يجب أن تدفعها أبوظبي مقابل حرب الإبادة والتهجير والإفقار، بل عاوزين يدونا ٣ بواخر مساعدات تركية، وإصلاح تركيا لمطار الخرطوم، ونرجع لتفاوض بين “الجيش والدعم”.
السودان لسة ما استنفذ أدوات الدبلوماسية الدولية، وشكوى مجلس الأمن ما آخر حاجة، يمكن للحكومة أن تتجه لمحكمة العدل الدولية وتُقاضي الإمارات لتعويضات، وحينها لو كانت أبوظبي منزعجة من الابتزاز البحصل ليها بسبب المليشيا من مختلف الجهات الدولية، حتشوف مستوى جديد من الإزعاج، ومحكمة العدل الدولية عندها سوابق في فرض أحكام تعويض الدول التي تتعرض لاعتداءات من دول أخرى.
جوهر أي تفاوض يجب أن لا يشمل الجنجويد ولا ذراعهم السياسي، الاتنين أذرع أبوظبي، والمبادرة التركية بصيغتهت التي عرضها عثمان ميرغني هدفها ليس وقف العدوان والحفاظ على بقاء الدولة ورد الإعتبار للشعب المنكوب، بل أولويتها هو غسل وجه أبوظبي كما حاولت أميركا ذلك في منبر جنيف.
التفاوض البنّاء والفعّال والذي يؤدي لحل سلمي يكون حكومتي السودان والإمارات، وجوهر المبدأ التفاوضي السوداني زي ما قال الفريق أول العطا هو التعويض مقابل التطبيع، التعويض وليس المساعدات، زي ما حصل للكويتيين بعد احتلالها نن العراق، اتفاقية تعويض تودع لدى الأمم المتحدة. اذا الكويت تعرضت لاحتلال لمدة ٦ أسابيع، وعدد المتضريين ما وصل ٣ مليون مواطن ومقيم وقت الاحتلال، ألا يستحق السودان تعويضات بعد حرب الاحتلال الإماراتي المستمرة منذ ٢٠ شهر وقتلت وهجّرت وأعاقت واغتصبت وأبادت وأفقرت ملايين السودانيين والسودانيات؟!
الأتراك إذا عاوزين يحيدوا أيوظبي في موضوع سوريا، أو يبتزوها لتقليل تأثيرها، يشوفوا ليهم ورقة تانية غير السودان!
غير ذلك، يكون التفاوض مع أبوظبي، والمحك هو الميدان.