منوعات

دفن التبيعة في الموروث الشعبي السوداني

سودابوست - التدوينة السودانية

دفن التبيعة ..من معتقداتها وعاداتنا الشعبية السودانية

د. سلوى عبد المجيد احمد المشلي

 

 

شعبنا السوداني يمتلك الكثير من المعتقدات و العادات في كل مراحل طقس العبور في الحياة، و لقد تناولت الكثير منها في الزواج و غيره.

 

 

و في مرحلة الولادة او الموضوع او النفاس نتناول دفن المشيمة ( التبيعة )، و قبل أن نكتب عن تبيعة الإنسان نذكر أن الكديسة أو القطة الاليفة المتواجدة بداخل المنازل عندما يحين وقت ولادتها تختفي و تعود و تخفي تبيعتها فلا أحد يعلم مصيرها؟ ربما تاكلها؟ و في المعتقد الشعبي أن من يجد تبيعة الكديسة هو شخص كتب له الحظ السعيد فهي فأل حسن لمن يراها.

 

 

 

أما الناقة فتبيعتها تسمى (سلا) و تخرج بعد ساعتين من الولادة الطبيعية اي الغير متعسرة.

 

 

ماهي التبيعة:

 

نسميها التبعية و بيت الولد و الخلاص وهي المشيمة:” عضو ينمو في الرحم أثناء الحمل و يعمل هذا العضو على توفير الأكسجين والعناصر المغذية للجنين أثناء نموه، مع التخلص من الفضلات الموجودة بدم الطفل. تلتصق المشيمة بجدار الرحم، ويخرج منها الحبل السُري الذي يصل إلى الجنين.

 

 

ويلتصق هذا العضو عادةً بأعلى الرحم أو بجانبه أو بالجزء الأمامي أو الخلفي منه”.(moyocilinic)

و عرفها أيضا بروفيسور عون الشريف قاسم في كتابه:” اللهجة العامية في السودان:” التبيعة المشيمة لأنها تتبع الطفل، و التبيع العجل بين سنة و سنتين”. (قاسم، ١٩٧٢م: ١٥٣)

 

 

دفن التبيعة :

 

عادة يمارس دفن التبيعة إذا ولدت المرأة في منزلها منذ زمن ولادة الحبل و حتي وقتنا الحالي في بعض الولايات( وقد حضرت ولادة في قرية الضانقيل بولاية نهر النيل في نهاية العام ٢٠٢٣م) تولد الحامل بالداية (القابلة) في منزلها إذا كانت ولادة طبيعية، بعد الدفن يقدم قربان (كرامة) بذبح خروف و في أماكن اخرى يسمى ( الحُلالة) اي اتحلت أمه بالسلامة ففي المثل (الولادة موت) و هي العائدة من الموت، و لا تعتبر الام اتحلت بالسلامة الا بعد خروج كيس الخلاص أو التبيعة إذ وجود جزء منه بسبب مشاكل صحية كثيرة للنفساء قد تودي لوفاتها.

 

 

 

دفن التبيعة عند بعض القبائل :

 

في العادة تدفن التبيعة الحبوبة أو الداية او اي امرأة كبيرة في السن:

ففي كتاب :” العادات المتغيرة في السودان النيلي(النهري)”، للبروفيسور عبدالله الطيب و الغريب كتب الاسم :”(الحبل السري(التبيعة))، و عن طريقة دفنه كتب:” يتم دفنه بالقرب من منطقة الأسرة في اقرب مكان دون غناء أو طقوس، وأما البنت فتدفن و سط الضحكات لتكون إمراة جذابة في المستقبل و يعتبر دفنها رمز حماية”.(الطيب، ٢٠١٢م: )

 

 

وقد ذكرت السيدة فاطمة عبدالله التجاني من مواليد بحري:” أن العادة عند دفن المشيمة أن تحفر لها إمراة كبيرة في السن حفرة وتضع مع التبيعة ملأ يديها حلوى حتى تكون حياة المولود حلوة، و تحضر هذه المراة اطفال صغار فيضحكون في الحفرة لتكون حياة المولود مليئة بالفرح و الضحك”.

 

 

وقد سبق أن ذكر هذه العادة بروفيسور عبدالله الطيب .

دفن التبيعة عند قبيلة الميدوب:

 

كتب الباحث عثمان ابراهيم جامع :”التبيعة بعد أن تدفن ينثر فوقها حبوب دخن أو ذرة و تسقى بالماء لمدة سبعة أيام حتي تنبت و تخضر “.

دفن التبيعة عند قبيلة البجا:

تحت عنوان:” عادات تتصل بالولادة” كتب د. محمد عوض محمد في كتابه:” السودان الشمالي سكانه و قبائله”، أن البجا بعد أن يولد الطفل مباشرة :” تخرج النساء التي ساعدت في الولادة من المنزل ومعها المشيمة و الخرق الملونة و تمشي مسافة حتى تصل شجرة فتلقى بهذه الأوساخ وسط فروعها و هن يغنين انشودة خاصة في الذهاب و الإياب اذا كان المولود ذكرا، و لكن يمشين صامتات إذا كان انثى. و بهذه الطريقة يسهل الاعلان عن نوع المولود و يقوم الاب بعد ذلك بعمل وليمة”. (محمد، ١٩٥٣: ٤٢)

و هكذا تترك لتجف أو يأكلها الغربان، و البعض الآخر يدفنها

و يكتفي بالزغاريد عوضا عن الغناء .

التبيعة في ود مدني:

في مقال بجريدة الانتباهة بتاريخ 2013/5/4 بعنوان :”مذكرات فرنسي في ود مدني”، عاش هذا الفرنسي بين عامي 1838و 1839م في خلال حقبة الحكم التركي وحكى أن امرأة ولدت في السفينة أثناء ابحاره و كيف تعامل النساء مع التبيعة فذكر ان:” في 21 – يناير ولدت امرأة طفلها الأول فوضعت النساء المشيمة «التبيعة» في قدح خشبي

و غطينه بمنديل و ذهبن به في موكب إلى النيل، حيث قذفن به إلى الماء هناك رمينه وهن يرقصن ويصفقن ثم رجعن وهن يردِّدن المدائح”.

في بعض مناطق مدينة ام درمان:

تقذف في النيل أو تدفن تحت شجرة، أو بأطراف الحوش إذا كان كبير، و في ذلك تقول نبأ صلاح و هي من شمال كردفان. إن:” حبوبتي الله يرحمها كانت حريصة شديد على أنها تدفن التبيعة داخل حوشها لكل احفادها و بتدفن معاها عيش

و نواة البلح و حلاوة و بتخلي كل الأطفال يحضرو المناسبة دي”.

دفن التبيعة في مناطق أخرى:

التبيعة مرات بتدفن في زريبة الغنم، ففي ولاية نهر النيل في قرية الجباراب ريفي الدامر بعض النسوة (يحملن التبيعة في قصرية و يحفرن في زريبة الحمير و يدفن التبيعة فيها)، او تدفن تحت شجرة

 

 

التبيعة في الادب الشعبي:

من امثالنا الشعبية:

– (الداية جات تدفن التبيعه دفنته) ويضرب المثل لزول عديم الفائدة.

– (دا تبيعة ساي) قمة الاساءة بوصف الشخص بأنه ( اضينة ) لا شخصية له فهو (تبيعة ) لانه يتبع غيره و ليس له رأي خاص.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى