مقالات

عبد المحمود نور الدائم ..بمناسبة الغيلان في أمدرمان

بمناسبة الغيلان في أمدرمان

كتب: عبدالمحمود نور الدائم

 

ذكرني موضوع الساعة ” غيلان أمدرمان ” بشائعة قديمة اسمها “حواء أم ضنب” وقيل إنها امرأة لها “ضنبًا” تتلفحه وتتغذى بإلتهام الأطفال.

 

 

؛مما دفع مدير مدرسة مشهورة في الثورة آنذاك إلى إنهاء اليوم الدراسي قبل العاشرة صباحًا بدعوى خوفه على الطلاب من “حواء أم ضنب” ،فإذا كان هذا مدير مدرسة تسري في عقله الخرافات وكأنه طفل في الخامسة من عمره؛ فما بالك بهذا الكم من الناس؛الذي يؤلف وينشر ويؤكد بأحاديث موضوعة ويحلف بالله ويعضد بأنه شاهد كائنات تدُعى الغيلان حق اليقين،في أمدرمان.

 

 

 

 

 

موضوع الغيلان لا يتعدى كونه خرافة من الخرافات والأساطير الشعبية “الغول والعنقاء والخل الوفي”أما ما ذكر في الأحاديث فهو لا يشير إلى الغيلان التي يتحدث عنها الناس بالشكل الحالي في أمدرمان،وإنما يقصد بها شياطين تتعرض للناس في الأسفار والترحال وأحيانا تتسلط عليهم عبر أضواء بعيدة يظنها المسافر بيتا أو بشرا فيتبعها حتى يتوه عن وجهته ويهلك في الصحراء.

 

 

 

أما بالنسبة لحديث “إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان” فقد ضعفه بعض العلماء من حيث السند. إليك بعض التفاصيل:

 

1. **الإمام ابن حبان**: أشار إلى ضعف الحديث في كتابه “المجروحين”، حيث اعتبر أن في سنده بعض الرواة غير الثقات.

 

 

 

2. **الإمام ابن الجوزي**: ذكر الحديث في كتابه “الموضوعات”، مما يعني أنه اعتبره حديثًا موضوعًا أو غير ثابت عن النبي ﷺ.

 

 

 

3. **العلامة الألباني**: ذكر الحديث في “ضعيف الجامع الصغير”، مما يعني أنه اعتبر الحديث ضعيفًا.

 

 

في المجمل، الحديث ليس من الأحاديث الموثوقة من حيث السند، ولهذا السبب يُعتبر من الأحاديث الضعيفة التي لا يُعتمد عليها في الأحكام الشرعية، ولكن يمكن الأخذ به في فضائل الأعمال مع العلم بضعفه.

 

 

 

 

وبمناسبة الغيلان أروي قصة أخرى

 

كنت مرة في سوق من أسواق أمدرمان،فتناهى إلى مسمعي صوت واعظ مجلجل،فقلت ما أحوجني إلى الموعظة وأنا الغافل في هذا السوق!،فتبعت مصدر الصوت حتى انتهيت إلى حشد من الناس وكأنها”جمهرة خطب العرب” أو حول شاعر في عكاظ،احتشد العشرات من الباعة والمتسوقين واتكأ أصحاب الدرداقات عليها.

 

 

 

 

 

فمضيت بين الزحام حتى وجدت نفسي أمام ثلاثة أشخاص بجلاليب وعمامات صغيرة ولحى خفيفة،وكان الواعظ يتحدث عن أهوال آخر الزمان من المسخ والخسف والعذاب الجماعي الذي لا يبقى ولا يذر،فخشعت واستعبرت حتى سدت العبرة حلقي لهول ما يرويه الرجل من قادمات المحن.

 

 

 

 

 

ثم حانت منه إلتفاتة وأشار إلى صاحبه قائلاً: “وريهم الدليل يا فلان وريهم الفتاة الممسوخة”،فما كان من الرجل الآخر إلا أن أخرج نسخة مهترئة من صحيفة “الدار” عليها صورة الفتاة أدناه.

 

CREATOR: gd-jpeg v1.0 (using IJG JPEG v62), quality = 60?

 

 

 

 

ولما شاهدت الصورة أطلقت ضحكة مدوية ورأيت بعينين نصف مغمضتين نظرة وجوم وغضب على وجه الواعظ، ورحت أفج زحام الناس هاربًا أضحك وأكح،تنتاشني نظرات المستمعين بإستغراب وغضب،فلقد تبين أن الدعاة الثلاثة ليسوا سوى بائعين لتلك الأعشاب الغريبة التي “تعالج كل شيء”، أما أنا فذهبت إلى ذلك الحشد سليما وعدت بآلام في عضلات البطن إثر الضحك،وأظنهم قد دعوا عليّ بالمسخ من بعدي.

 

 

 

إذا عزيزي القارئ لا غيلان في أمدرمان إلا الدعم السريع وما شابهه،وإن قالوا وخوفوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى