مقالات

عثمان ميرغني: النزوح الايجابي

النزوج الايجابي ..
عثمان ميرغني

التقيت بأحد القادمين من الولاية الشمالية قبل أسبوع واحد فقط، روى لي الانتاج الوفير الذي أنعم الله به على الولاية في مختلف المحاصيل خاصة القمح والبلح و الفول وغيرها.. وقال أن الانتاج فاق كل ماكان في الماضي ويكاد يكفي حاجات ولايات أخرى عديدة..

 

 

وقرأت أمس خبرا أسعدني للغاية، والي نهر النيل – ان لم تخني الذاكرة- عرض على ضيوف الولاية الذين اختاروا أن يحتموا بها من نيران الحرب، أن يمنح من يستطيع 5 فدان ليزرعها و يعتاش بها و يفيد بلاده ومجتمعه بما ينتجه من غذاء..

 

في تقديري، لو كانت هناك حكومة تنفيذية رشيدة، لتحولت الحرب فعلا من مِحنة إلى مِنحة، خاصة في الجانب المتعلق باعادة توزيع الكتلة السودانية.

 

 

 

السودان ظل يعاني من سوء توزيع السكان نتيجة ضمور المشروعات الانتاجية و الخدمات الحضرية وأدى ذلك  لاقامة  واحد من كل ثلاثة سودانيين في ولاية الخرطوم، و امتدت الأحياء فقيرة البنى التحتية حتى تلامست مع  الولايات الأخرى في كل الاتجاهات، مثلا محلية أمبدة تمطت حتى تخوم ولاية شمال كردفان وتلاصقت مع الولاية الشمالية.
ونتج عن ذلك اعتماد قدر كبير من الشباب على المهن الهامشية غير المنتجة والتي قد تقيم الأود لكنها لا تلبي طموح الشباب في حياة كريمة أفضل.

 

الآن الحرب أجبرت أكثر من 10 مليون مواطن على البحث عن ملاذ آمن في الولايات التي لم تمسها ألسنة الحريق، لكنهم يعيشون في أوضاع صعبة مؤلمة تفتقر لأدنى درجات الكرامة، و لا يعرفون متى يعودوا إلى ديارهم..

 

 

من الممكن تصميم خطة طويلة المدى تعتمد على معالجة عاجلة للأوضاع الاستثنائية لكن دون أن تجعل منها حلا مؤقتا تنتفي الحاجة إليه بعد أن يطفيء الله نار الحرب.

 

 

صحيح قد تكون أقرب الى عمليات اعادة توطين في مدن وقرى كانت تفتقر للكثافة السكانية المناسبة، لكنها تختلف عمليا عن اعادة التوطين التقليدية في كونها تأخذ طابعا مدروسا مرتبطا بالأعمال والاستثمار و حركة التنمية لا السياق الاغاثي  والعفوي المرتبط بالحرب..

كيف؟ سأوضح..

لنأخذ مدينة مروي بالولاية الشمالية..
هي في الأساس محور تنمية Focal Point خلال فترة تنفيذ سد مروي تطورت ببنى تحتية كان البعض ينظر إليها حينها على أنها ترف بمبدأ (العندو قرش محيرو يشتري حمام ويطيرو).. فاحتج البعض على المطار الكبير والمستشفى المتقدم وغيرها..

 

 

من الحكمة الآن النظر في تطوير الأعمال والاستثمار في المدينة والمنطقة التي تخدمها Satellite  بحيث تستوعب كتلة سكانية جديدة مثلا في حدود 250 ألف في مرحلة أولى.

 

هذه الكتلة السكانية لها مطلوباتها، في مقابل عوائدها.

 

من مطلوباتها تخطيط حضري يجدد مصادر الأعمال، الزراعة والصناعة والتعدين مثلا.. و بالطبع الخدمات الحيوية مثل التعليم والصحة وغيرهما..
العائد المتوقع من اعادة تصميم هذه المدينة والمنطقة الحيوية المرتبطة بها سيكون أكبر كثيرا من أي انفاق على البنى التحتية والخدمات.

 

 

بالتأكيد سيكون واحدا من أهم التحديات – ولكن مقدور عليه- تصميم خارطة عمرانية تستوعب مساكن جديدة كافية لاستيعاب الكتلة السكانية الاضافية.
حاولت أن أطرح الفكرة بشكل مجمل لكن من الممكن توضيح مزيد من التفاصيل ان اتسع الحال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى