كيف يمكن أن يرد السودان على العدوان الأماراتي؟
بقلم د. محمد عثمان عوض الله
5/10/2024
الامارات دولة معتدية على السودان وتتحمل المسؤولية عن كل الدمار الذي حدث فيه. تمثل عدوانها في الآتي:
1/ تبنت الامارات تنفيذ المشروع الغربي القائم على تدمير السودان واستنزافه وتمزيق شعبه وتقسيمه و ماتزال تشرف على تنفيذه منذ عام ونصف.
2/ قامت بتوفير المال لكل مطلوبات المشروع اعلاه، بشراء السلاح و المرتزقة والعملاء و مواقف دول الجوار و المنظمات الإقليمية والدولية.
3/ الامارات تمهد الان للدخول في الحرب المباشرة بتوفير المطارات، ارسال الطائرات والضباط والخبراء و منظومات الرادار و التشويش و مضادات الطيران وغيرها.
وتعمل ايضا على تسخين الأجواء السياسية باصدار عدد من البيانات المعادية والتصريحات من قادتها وضباطها بما فيها التهديد، وتبعها في ذلك تصريحات مساندة لذات الخطة من عملائها ومن المبعوث الأمريكي بيريللو و التي تدعو جميعها إلى التدخل الدولي العسكري في السودان كما أن أختيار الرئيس بايدن لها كحليف دفاعي يجي في سياق هذه الترتيبات.
ولكن ما الذي فعله السودان في مقابل كل ذلك؟ استطاع السودان خلال العام ونصف الماضي من حرب الامارات عليه، أن ينجز عدة أشياء منها:
▪️أولا أستطاع السودان أن يبنى جبهة داخلية قوية وموحدة حول رؤية واضحة لم يحيد عنها خلال عام ونصف مهما كانت التحديات و التضحيات. يقف على رأس هذه الجبهة الداخلية الشعب بكل طوائفه، الجيش بكل وحداته. لم يشذ من هذا الإجماع الوطني إلا عملاء دولة الامارات.
▪️ثانيا استطاع الجيش والمستنفرين والحركات المسلحة إفشال تحقيق الأهداف الإماراتية وذلك بتحقيق الانتصار في المعركة الحربية على المليشيا والقضاء على معظم قادتها و جنودها وعتادها، و الانتصار ايضا في المعركة السياسية الداخلية بتوعية كاملة للشعب بالمؤامرة الإماراتية و بعزلة كاملة لعملائها. والانتصار في المعركة الديبلوماسية بتحقيق إدانة شاملة للأمارات من أكبر المؤسسات السياسية العالمية الرسمية و الشعبية.
و لكن الذي ينقص السودان لإكمال الانتصار النهائي على الامارات، هو تحويل هذا الزخم من الادانات العالمية من مجرد اعلامي و شعبي و ديبلوماسي إلى خطوات سياسية و قانونية تدين جرائم الأمارات في السودان وتحملها كامل المسؤولية عنها و ما يترتب عليه من تعويض و إعادة اعمار.
و لكن ذلك ليس بالأمر السهل ويتطلب مجهودات إضافية كبيرة. بعضها مهني دقيق و بعضها اعلامي واسع و بعضها سياسي و ديبلوماسي، يستمر في الضغط على المؤسسات الدولية و تقديم الأدلة لها.
بهذا الأسلوب نجح السودان في تحقيق الإدانة الإعلامية و يمكن أن يتم تعضيده و تصعيده أكثر لإغراض الإدانة القانونية. وبما أن السودان أكد تفوقه والانتصار في أي هجوم بري مهما كان عناده و تمويله و عدد جنوده و مرتزقته والحماية الدولية له والالة الإعلامية المصاحبة له فإن عليه التحسب لأي هجوم جوي.
و من المؤكد أن الامارات لن تتوقف عند هذا الحد، ولا يعني أن يكتفي السودان بما أنجزه. و وفقا لذلك وبما ان السودان قد أفشل كل محاولات الأمارات و لم يبق لها أي فرصة، إلا أن تجرب تدخلها المباشر، بطائراتها و ضباطها و لتوجيه ضربة جوية على أهداف محددة.
إن تمادي الامارات في توجيه ضربة جوية، لهو مجرد احتمال (رغم أنها قد شرعت فيه) وبغض النظر عن نسبة حدوثه، إلا أنه من السذاجة عدم الاستعداد له و من وجهة نظر كثيرين لابد لقيادة الدولة التحسب له.
و السؤال الان هو ما عساه أن يفعل السودان، إضافة لما ظل يفعله حتى، لتحصين نفسه من أي هجوم جوي أماراتي محتمل؟
الإجابة تتطلب عدد من الإجراءات منها:
أولا أن تخطط القيادة السودانية الاستعداد للحرب الجوية و تجتهد في توفير كل مطلوباتها من خطط و أجهزة و عتاد طيران و طيران مسير و خبراء و قوانين وإجراءات ادارية، وتعبئة شعبية، والاستعداد لها تماما كما خططت للحرب البرية تخطيطا شاملا. و من ذلك تحديث أدوات الرصد و المتابعة و التشويش و الرادارات والمضادات و أجهزة الاتصالات و الطيران الاعتراضي.
ثم تعلن الدولة إغلاق الأجواء السودانية أمام كافة أنواع الطيران الأماراتي المدني منه و العسكري وتخطر بذلك منظمة الطيران المدني العالمية. كما تقوم بالإجراءات الإدارية الضرورية مثل تفعيل سلطات الطيران المدني السوداني، التي تحمي الأجواء السيادية، و تحديث أجهزة مراكز السيطرة على المجال الجوي والرصد والمتابعة، و الاستفادة من منظومة قوانين الطيران المدني العالمية التي لا تسمح بالاختراق، و تفعيل قواعد البيانات الجوية مع بعض الدول للتنبيه والمراقبة في حالة حدوث أي اختراق. … الخ
ثانيا أن يدخل السودان في تحالف دولي استراتيجي (سياسي وعسكري و أمني و اقتصادي) مقتدر و مستعد، وراغب، و يستطيع أن يوفر كافة الاحتياجات، مقابل تحقيق مصالحه في السودان و المنطقة.
ثالثا أن تخطط الحكومة لتحقيق انتصارات في ميدان المعركة الاقتصادية لتدعم به ظروف الحرب، من خلال تقديم مشاريع محددة.
و للسودان خبرات كبيرة في المشروعات الاستراتيجية مثل مشروعات شركة زادنا و شركات التصنيع الحربي وشركات التعدين والبترول و السدود والكهرباء والطاقة الشمسية و حصاد المياة وغيرها من مصادر الدخل القومي الجاذبة لراس المال العالمي.
أيضا توقيع عقودات مشاريع إعادة إعمار ما دمرته الحرب مع شركات الدول المتحالفة.
صحيح أن السودان لن يبادر بالدخول في حرب مع أي دولة. و لكن بما أن دولة الأمارات هي التي بادرت فإن ليس للسودان أي خيار غير الدفاع عن نفسه وشعبه و أراضيه كما ظل يفعل، ولمن حتى الدفاع في حالتي الحرب البرية أو الجوية، يتطلب الإنتباه و اكمال الاستعدادات.