هل تهديدات حميدتى بمليون جندي فشنك؟
معتصم أقرع
هدد حميدتى أمس بالانتقال إلى الخطة البديلة وأنه سوف يحشد مليون مقاتلا لغزو كل أجزاء السودان، شبرا شبرا. هل هذا تهديد يتمتع بمصداقية؟ دعنا نتحقق.
لاحظ أنه لكي يكون للتهديد معني، لابد من توافر ثلاثة عناصر: الإرادة، وتمويل شراء الأسلحة، وتوفر الرجال المقاتلين.
لنفترض أن إرادة الحرب والأموال متوفرة بكميات غير محدودة.
دعك من أمر المليون جندي ولنسأل، هل لدي حميدتى عشرة آلاف جندي احتياطي لم يشاركوا بعد في القتال يمكنه حشدهم الآن؟
الإجابة هي لا.
هذا مستبعد للغاية، ويبدو أن الجنجويد حاليا يستخدمون كل الجنود تحت تصرفهم.
لا أعتقد أن لدي حميدتى جيش احتياطي جاهز للانضمام.، لاحظ أن ود أبوهو اعترف أمس بأن جنوده فروا وتركوا القتال لذا طلب منهم العودة إلى ساحة المعركة بدلاً من البقاء في منازلهم مثل النساء – في صحبة أخواتهم. وين يا أشاوس ويا جندر!
السؤال التالي هو هل يستطيع حميدتى توظيف جنود جدد من داخل وخارج السودان؟ الإجابة هي إلى حد ما نعم، ولكنها نعم ضعيفة.
إن العثور على راغبين في الانضمام إلى جيش في حالة تراجع، حيث يتم حصد جنوده بالغارات الجوية على أساس يومي سيكون صعباً.
فمن هو المرتزق الذي قد يرغب في الانضمام إلى جيش عندما تكون احتمالات الهزيمة والموت عالية؟ في حالة علو المخاطر ينضم إلي القتال فقط من يؤمن بالقضية والجنجويد محض مرتزقة ولصوص لا قضية لهم سوي السلب.
كان من الواضح بالنسبة لي من البداية أن عدالة قضية الشعب السوداني ضد الجنجويد ستكون أهم عوامل دحرهم لان الجنجويدى لا قضية له بينما السوداني الآخر يدافع عن وجوده وكرامته وان قتاله حق مشروع في كل الأعراف بينما الجنجويدى لص، معتد أثيم اشتراه سيد في سوق نخاسة الفقر والعطالة الضاربة.
أضف إلى ذلك أن الحوافز للانضمام إلى الجنجويد قد ضعفت أو تبخرت، وقد انتهت فرصة سرقة أموال وممتلكات الآخرين. كل ما يمكن سرقته قد سُرق بالفعل. ولم يعد هناك المزيد من النساء لاغتصابهن بأعداد كبيرة، فقد غادر معظمهن وهم على استعداد دائم لمغادرة أي بلدة يستهدفها الجنجويد. كما أن للرغبة البيولوجية حدود حتي عند أدني الحيوانات في سلم الدارونية.
ولكن حتى في حالة العثور على راغبين في الجندية نيابة عن الجنجويد، فإن تدريبهم وتعليمهم كيفية استخدام الأسلحة الحديثة وفهم تكتيكات الحرب المعقدة في بيئة جغرافية واجتماعية صعبة سوف يستغرق وقتاً طويلاً للغاية. ولكن الجنجويد ليس لديهم الوقت الذي يحتاجون إليه، وقد ينتهي الجيش من أمرهم قبل أن يدربوا الفقراء على مهاجمة السودانيين الأبرياء.
والسؤال الأخير يتعلق بإمكانية قيام الجنجويد بجلب أعداد كبيرة من المقاتلين من خارج السودان للعمل لصالحهم. وهذا ليس من السهل أيضا، لأن تدريبهم وتنظيمهم والسيطرة عليهم سيكون صعبا. ولكن الأهم من ذلك، في ظل هذا السيناريو، ستبدو الحرب في نظر العالم وكأنها غزو أجنبي صريح، وقد يتردد الممولون الأجانب في تمويلها لأنها ستلطخ سمعتهم وتفرض عليهم تكلفة سياسية وكلفة علاقات عامة باهظة. بالنسبة للممولين، قد لا يكون هذا الاستثمار في الغزو الأجنبي مجديا.
أضف إلى ذلك أن الغزو الأجنبي الصريح سيدعو الدول المجاورة والإقليمية القوية للتدخل ضد الغازي بحزم أشد من حزم معركة قَبَلْ مَيَّة
لذا فإن استنتاجي هو أن تهديدات الفريق أول حميدتى فارغة ولا تتعدى كونها حربا نفسية أتاحت لأبواقه التهديد بان هذيانه ينذر ببداية حرب لا تبقي ولا تذر إن لم يقبل الجيش بصلح ينقذ الحلف الجنجويدى من ورطته التاريخية ويتيح له مقعدا في مشهد السلطة القادم. ينسي أبواق الجنجويد أن الحرب واقع ماثل طحن السودانيين فكيف يجوز تهديد مواطن تسحقه الحرب الآن من مخاطر حرب كانها لم تحدث بعد؟ فكل ما دخل الحلف الجنجويدى في مازق عسكري أو سياسي عاد ليهدد بإتساع الحرب وحضور بوكو حرام وداعAش وكأن المواطن السوداني لم يكتوي بنار الحرب الحقيقية حتي الآن. هذا سخف وشذوذ فكري موغل في التدليس.
ولكن علي أن أعترف بأنني لا أملك أي معلومات خاصة، وهناك الكثير من الأشياء والاعتبارات التي لا أعرفها. لذا فإن توقعاتي ليست قرآناً معصوماً من الخطأ، والتاريخ يمكن أن يفاجئ أي شخص. وفوق كل ذي علم عليم.
معتصم أقرع
Mutasim Agraa