سودابوست – التدوينة السودانية -عصارة زيت الولد التقليدية
من ثقافتنا المادية السودانية
د. سلوى عبد المجيد احمد المشلي
عصارة زيت الولد التقليدية
استمرار لما نشرت لصناعات السودانية التقليدية اكتب عن (عصارة الجمل) العصارة التقليدية التي تنتج زيت السمسم.
و قد وجدت مثيلتها في كثير من الدول العربية و التي تستخدمها لوقتها الحالي، و التي انتشرت بالعاصمة السودانية الخرطوم منذ فترة ليست بالكبيرة عصارة على الشارع العمومي من حلة كوكو بالشارع المؤدي لسوبا شرق والعيلفون و ام ضوا بان و أخري من حلة كوكو بالشارع المؤدي للحاج يوسف المايقوما و عدة مناطق أخرى بولاية الخرطوم.
عصارة زيت الولد التقليدية
عصر و بيع زيت السمسم تاريخيا:
في مقال بعنوان:” كنداكات منسيات”، و رد ذكرهن في كتاب: ” سودانيات في صالونات اﻷدب ” للكاتب اﻷستاذ محمد صالح يعقوب صدر عن دار النشر بجامعة الخرطوم في 1991م:” كانت المرأة في تلك الحقبة تشارك المجتمع همومه الفكرية و الوجدانية من خلال الصالونات اﻷدبية برغم محدودية تأثير هذه الصالونات، كما شاركت في الحياة اﻹقتصادية و التجارية وكانت لها مشاركة فعالة في مجالس الرجال التي تهتم بتنظيم الشئون اﻹجتماعية و اﻹدارية
و تنظيم اﻷسواق كما شاركت في الحياة العسكرية باﻹشراف على أسر الجنود الغائبين في ساحات القتال بالصحراء الكبرى في طبرق و الكفرة ، وذلك في الثلاثينات و اﻷربعينات في المجال التجاري نجد أن ” تومة أم ريش ” كانت تمتلك عصارة لزيت السمسم وكان موقعها في مكان كوبري أبو عنجة الحالي، بأﻹضافة للعمل التجاري لتومة أم ريش كانت لها مساهمة فاعلة في العمل اﻹداري”.
و في مقال آخر بعنوان:” بانوراما مدينة أمدرمان” م. عادل عوض كتب عن كل ما يتعلق بمدينة أم درمان و عن أبرز اسواقها و تاريخ الصناعة فيها و عن معاصر الزيوت التي تديرها الجمال : ” هذة الصناعة التقليدية يصل عمرها إلى مئات السنين و هي تنتج الزيت من السمسم والفول، و كانت توجد المعاصر في منطقة حي الموردة وشرق سوق أمدرمان عند شارع أبو روف بحي مكي (ود عروسه) بيد أن المستعمر الإداري أراد لهذه المصانع أن تنزوي غرب أمدرمان في المنطقة الواقعة شرق اللاسلكي حيث كانت هذه المعاصر تعد على أطراف الأصابع”.
و يستمر:” من الرعيل الأول الذين ولجوا إلي مجال التصنيع كان حاج التوم محمد خير من الرواد الأوائل و عصارة
ود الغول و عصارة عيسى، و عبد العزيز جاد المولى الذي يقول عنه د.علي محمد كان:” ملقب ب (دقوش) وشقيقه بابكر جاد المولى كانت معاصرهم شرق اللاسلكي بتاع السوق الشعبي وغرب سوق القش وكنا نذهب اليهم لاحضار الزيت ومعه (أم جقوقة) وهي مايبقى من السمسم بعد عصره ويكون لونه أقرب للسواد وينفع في علاج الكحة “، ام جقوقة توكل بإضافة سكر لها، وهي المرحلة قبل النهائية الصلبة التي تصلح لتكون امباز و هو علف للبهايم.
و ايضا من أصحاب معاصر الزيوت حاج خيري، و محمد ود الصديق و احمد العالم و حامد الاسيوطي وعصارة القباني كذلك نجد بهذه المنطقة عدداً من مصانع الصابون و ذلك لإرتباطها بهذة الصناعة منها فبريكة الكردي للصابون”.
و في مقال بعنوان:” قصة نجاح رجل الأعمال السوداني – الشيخ مصطفي الأمين ، و رحلة كفاحه الطويلة و بدايتة من الصفر عمل الشيخ مصطفى الأمين في مقتبل عمره بائعاً للبروش و الصفائح و الجوالين الفارغة، وتدرج في الأعمال فأصبح يشتري الفول من كردفان و يبيعه لأصحاب المعاصر ثم تطور في العمل واشترى قشارة وأصبح يشتري الفول من المزارع و يبيعه مقشوراً، فتطورت تجارته وأصبح لديه العديد من القشارات في كل من (حلفا و الغبشة)، ثم هاجر إلى شرق كردفان وعمل بالزراعة المطرية فزرع مخمس في منطقة الحريزية التي تقع بين الغبشة و ود عشانا، لكنه لم يستمر في هذا النشاط طويلاً فغير في 1925 لتجارة الحبوب الزيتية (الفول السوداني والسمسم) بكل من (أم روابة و شركيلا والغبشة)، ولما كان المحصول في ذلك العام وفيراً وامتلأت شوارع أم روابة بتلال الذرة صدرها لمصر حيث تغربل
و تشحن من هناك إلى أوروبا، ثم أسس مصنعاً للزيت ببورتسودان واصبح يصدره للخارج وهو من أوائل السودانيين الذين عملوا في تصدير منتجاتنا الزيتية للدول الأخرى لاسيما أوروبا، ثم توسع في نشاط الصادر، فصدر السمسم إلى فنزويلا في ذاك الزمان البعيد”.
و يستمر ثم اتجه نحو الصناعة فكان:” أول من واكب ومارس الصناعة في أطوارها الأولى البدائية إلى الطور الآلي الحديث، وفي 1930 أنشأ معصرة في شركيلا ثم الغبشة. وأصبح يمتلك أكثر من مائة عصارة بدائية في تلك المناطق
و ماجاورهما، ثم أدخل المعاصر الهايدرولكية الألمانية في الغبشة التي طورها إلى المعاصر الكهروميكانيكية الإنجليزية في عام 1958م بمدينة بورتسودان لتبدأ رحلة الانفتاح للعالمية، و في 1976 استقدم أحدث تقنيات استخلاص الزيوت في العالم عن طريق المذيبات العضوية البلجيكية، فكانت سابقة في تاريخ السودان”.
و في 1980 كان:” أول من صدر الفول السوداني النقاوة لأمريكا وشيد في نفس العام أكبر مجمع صناعي خدمي متكامل في الشرق الأوسط وأفريقيا تحمل اسم (أبا المعتصم) في مساحة قدرها 78 فداناً بالباقير، ويتكون من (13) وحدة إنتاجية متكاملة تشمل الصابون بأنواعه المختلفة، بالإضافة إلى القشارات معاصر الزيوت، بالإضافة إلى صناعة الكرتون
و الصفيح و البلاستك، ثم اعتمد على ابنه الأمين في تنفيذ مصانع الباقير التي أصبحت أضخم المجموعات الصناعية فهو أول من صدر زغب القطن للمصانع الحربية المصرية،
و أصبحت ألمانيا بفضله أكبر مشترٍي للأمباز والزيت، فتأسس له فيها نفوذ كبير، وهذا ما جعله يردد فخراً أن أعماله تمتد من الغبشة إلى هامبورغ”، و في 1984م أنشأ أكبر مشروع زراعي مطري في البلاد بعد مشروع الجزيرة في مساحة (نصف مليون) فدان جنوب النيل الأزرق و القضارف خصصها لزراعة (الذرة، السمسم، وزهرة الشمس)”.
و يستمر لما توسعت زراعته وصناعته فكر في إنشاء :” أسطول نقل بري متكامل ليمكنه من نقل منتجاته الزراعية والصناعية، وبذلك ربط الإنتاج الزراعي بالصناعي في نسق واحد لتفعيله، وتصدر قائمة المصدرين فكان المصدر الأول والوحيد للزيوت إلى مصر من (1964 – 1974م)، كان يعد أكبر مصدري الحبوب الزيتية ومنتجاتها، بالإضافه إلى إدارة المشاريع الزراعية التي كان يزرع مساحات ضخمة في منطقة البطانة وجنوب وشمال القضارف”.
السِّمْسِم:
السِّمْسِم أو الزلنجان أو الجُلجُلان أو السَّمْسَق أو الجَلجان
بالسيرج أو الشيرج وفي العراق يسمى بالراشي، و(الاسم العلمي: Sesamum indicum) هو نوع من النبات يتبع فصيلة البيدالية من رتبة الشفويات. ويُسمَّى مطحونه الرَّهش.
والسِّمْسِم من المحاصيل الزيتية وقد استخدم غذاءً ودهناً منذ القدم، فالزيت الناتج عنه يحتوي على نسبة عالية من البروتينات والأحماض الدهنية والمركبات الفلافونية .(ويكبيديا)
كما يستخدم في مناطق الوسط وربما مناطق أخرى (زيت طبخ) حتى القرن الماضي ، و يستخدم بشكل أساسي في صحن (الفول و فتة الفول الشعبية) ، و لأغراض علاجية لعلاج (أمراض الصدر ) خاصة الأطفال و يستخرج منه (الطحينة ) التي تستخدم في الطبخ و الحلويات، و من مخلف عصر الزيت يستفاد منه ك(امباز) للبهايم.
مناطق زراعة السمسم:
يزرع مطريا في أغلب مناطق إنتاجه في السودان وأهمها جنوب وشمال كردفان و القضارف و النيل الأزرق، سنار
و دارفور ، والنيل الأبيض و تنتج في هذا القطاع المطري الأصناف التقليدية وهي (حريحري) ويزرع و ينضج مبكرا
و (جبروك) وهو متوسط فترة النضج و(جبالي) متأخر النضج. (suna-sd.net)
عصر زيت السمسم:
تصنع العصارة من سيقان الأشجار الكبيرة الحجم مثل السدر،
لها شكل إناء مخروطي مجوف، و لها عدة أجزاء هي:
•المخزن (القوز):
عبارة عن عود كبير من َّالسدر مجوف يشبة المدق أو الفندك الكبير، و تتم فيه عمليةالعصر.
•الولد:
عود مخروطي مثبَّت في داخل المخزن يعمل على تثبيت القطب و يُوضع فيها السمسم.
•القطب:
عود رأسي مدبَُّب قوي ذو طرف أملس مثبَّت في الولد لعصر
السمسم، أما طرفها الآخر الذي في الأعلى فمثبت في عودا لركبة.
•الركبة (التقالات):
حجارة كبيرة مثبَّتة في قوس والإبط (لوحين حديد) على عود الركبة و تعمل على الضغط على القُطب حتى يعصر السمسم.
ُ•البودية:
عود عرضي مثبَّت بطرفيه عودان اصغر هما بمثلان الميزان الذي يُربط على ظهر الجمل.
َّ•القواد:
عود يُربط فيه رسن الجمل حتى يدور في حلقة متزنة.
َّ•الحوام:
عود كبير يدور حول القوز ليحفظ التوازن الكلي.
َّ•عصر السمسم:
تعمل العصارة بأن يُوضع السمسم مضافًا إليه قليل من الماء
الساخن لبذور السمسم في ما يَُّسمى ب(المخزن) وبداخله عود مجوف يُسمى (الولد) الذي يُثبت فيه
عود رأسي كبير مدبب يُسمى(القطب) مركب فيه عود آخر أصغر منه مضلع موصول.
قبل العصر تعصب عيني الجمل او الناقة و تسمى (جقلة) في كردفان بقطعة قماش قطنية سميكة حتى لا يشعر الجمل بالدوار وهو يدور لتحريك الآلة مدة الطويلة، و يبدأ الجمل الدوران لعصر السمسم منذ الساعة الأولى من الصباح و يستمر في العصر لمدة ساعة ونصف ثم ترفع العصابة عن عينيه ليأخذ راحة قليلة ثم يستمر لدورتين أخريين من العمل حتى الحادية عشر والنصف قبل الظهر فيبرك ويأخذ راحة حتى المساء ليبدأ دورتين أضافيتين ويتوقف قبل المغرب.(ابكر، ٢٠١٧م: ١٢٤- ١٢٥ )
يجلس الاطفال في العود الذي يدور وهم فرحين إذا كان يقود العصارة جقلة لكن كان الجمل مرات يهيج و يعطي ملح ليهدأ.
القطفة الاولى من عصر الزيت عالية النقاء و القيمة الغذائية تسمى ( زيت الولد) لذلك لا يباع، لذلك اشتهر زيت سمسم العصارة بهذا الاسم، و خاصة عندما تطلب زيت نقي يكون زيت الولد.