متابعات-الراي السوداني- واشنطن: القوني دقلو يقوم بجهود مستمرة لتوريد الأسلحة وإطالة أمد الحرب..
توقعات بانعكاسات سلبية للقرار على الأوضاع الاقتصادية للميليشيا المتمردة..
مراقبون: لماذا تغض واشنطن الطرف عن الإمارات التي تساهم بشكل واضح وفاضح في الحرب؟..
القرار الأمريكي يثير الكثير من المخاوف، ويحرك كوامن الشك والريبة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
ضرب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، بيد من حديد، وفرض أمس الثلاثاء عقوبات على القوني حمدان دقلو موسى، شقيق القائد العام لميليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وتأتي العقوبات ردعاً للقوني الذي تقول الوزارة الأمريكية إنه يقوم بجهود مستمرة لتوريد الأسلحة،
الأمر الذي يؤدي إلى مواصلة الحرب التي كانت الميليشيا المتمردة قد أشعلت فتيلها في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، تنفيذاً لمخطط إقليمي ودولي يستهدف تقويض الحكم في السودان، والاستيلاء على السلطة، وتنصيب قائد الدعم السريع أميراً على السودان، وإعادة قوى الحرية والتغيير ” قحت” بمسماها الجديد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” لقيادة الحكم المدني، على أن تحل ميليشيا الدعم السريع محل القوات المسلحة ” الجيش الوطني”.
حيثيات القرار الأمريكي:
وقضى قرار وزارة الخزانة الأمريكية بحظر جميع الممتلكات والمصالح الخاصة بالقوني حمدان دقلو والموجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أو سيطرة أشخاص أمريكيين، بحيث يتم إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بها، وحَظَر القرار أي كيانات مملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر، وبشكل فردي أو إجمالي، بنسبة 50 في المائة أو أكثر من قبل القوني، كما تحظر لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في العموم جميع المعاملات التي يقوم بها أشخاص أمريكيون، أو أشخاص داخل الولايات المتحدة، أو يمرون عبرها، حيث تنطوي هذه المعاملات المقصودة على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات الأشخاص المدرجين أو المحظورين.
حدود قرار الحظر:
يلقي قرار العقوبات على القوني حمدان دقلو بتبعات طعلى المؤسسات المالية وغيرها من الأشخاص الذين يشاركون في معاملات، أو أنشطة معينة معه، أو مع الكيانات والأفراد التابعين له، بحيث يعرِّضون أنفسهم للجزاءات، وتشمل المحظورات تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قِبل، أو لصالح أي شخص مدرج في العقوبات، أو تلقَّى أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من أي شخص من هذا القبيل،
واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية القوني بتمديد فترة الحرب من خلال قيادته جهود قوات الدعم السريع لشراء الأسلحة والعتاد العسكري، وأبانت الوزارة أن القوني ساهم من خلال تسليح قوات الدعم السريع بشكل مباشر في الحصار المتطاول الذي تفرضه الميليشيا المتمردة على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، والتي يقطنها ما يقرب من مليوني مدنياً، وقالت الوزارة الأمريكية إن التسليح المستمر للدعم السريع ساعد في توسع عمليات هذه القوات في أماكن أخرى من السودان.
استمرار المحاسبة:
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ماضية في فرض المزيد من العقوبات على أفراد تعتقد أنهم يساهمون في توسيع العمليات العسكرية في السودان، وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برادلي سميث إنه في الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وآخرون إلى السلام، يواصل الأفراد الرئيسيون من كلا الجانبين بمن فيهم القوني حمدان دقلو، في شراء الأسلحة لتسهيل الهجمات وغيرها من الفظائع ضد مواطنيهم، وأبان برادلي أن الولايات المتحدة ستواصل محاسبة أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد هذا الصراع وتقييد الوصول إلى المساعدات الإنسانية الحيوية في وقت المجاعة والهشاشة.
مسؤول المشتريات الرئيسي:
وعرف القوني وهو الأخ الأصغر لقائد ميليشيا الدعم القوني محمد حمدان دقلو، بإدارة ملف الاستثمار داخل الدعم السريع، وهو ضابط يشغل حالياً منصب مدير المشتريات، وهو من المقربين لحميدتي وكان سكرتيره الشخصي، والمؤتمن على أسراره، حيث كان يكلفه بتنفيذ أدوار رئيسة في الدعم السريع، وقد سيطر القوني على الشركات الواجهة التي تتبع للدعم السريع، بما في ذلك شركة ترادايف للتجارة العامة التي تستورد المركبات إلى السودان نيابة عن الدعم السريع، وأوضح قرار وزارة الخزانة الأمريكية أنه قد إدراج القوني وفقاً للأمر التنفيذي رقم 14098، لكونه قائداً أو مسؤولاً أو مسؤولاً تنفيذياً كبيراً، حيث تم اعتباره مشاركاً ضمن ميليشيا الدعم السريع في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان.
قرار صاعقة:
والواقع أن قرار وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على مسؤول المشتريات الرئيس في ميليشيا الدعم السريع، كان مفاجئاً لكافة الأوساط السودانية، والمتابعين لمسار الحرب في السودان، ويتوقع مراقبون أن تكون لهذا القرار تداعيات سلبية على الأوضاع الاقتصادية داخل منظومة الميليشيا المتمردة، إذ ينعكس هذا القرار سلبياً على شلِّ هذا اليد الداعمة والممولة الرئيسة لبرامج وأنشطة ميليشيا الدعم السريع، خاصة توفير التشوين والمؤن والمهمات والعسكرية، بالإضافة إلى الأسلحة والذخائر
، هذا فضلاً عن الاستحقاقات المالية التي تتعلق بمنسوبي ميليشيا الدعم السريع من الجنود والضباط، بالإضافة إلى الإداريين والفنيين، حيث تنزل هذا القرار عليهم كالصاعقة، وزاد عليهم الطين بلة في ظل حديث الكثير من المصادر المتطابقة عن توقف رواتب منسوبي الدعم السريع من الضباط والجنود منذ فترة ليست بالقصيرة،
حيث يخوضون هذه الحرب من أجل ( الشفشفة ) وإعمال النهب والسلب والفوز بالغنائم، وربما ساهم هذا القرار في ازدياد موجة هروب منسوبي ميليشيا آل دقلو والتي كان قد تصاعدت عقب عملية العبور الكبرى للقوات المسلحة والقوات المساندة لها من أم درمان والتحامها بالقوات المرابطة في الخرطوم والخرطوم بحري.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يثير قرار وزارة الخزانة الأمريكية في حق مسؤول المشتريات بميليشيا الدعم السريع القوني حمدان دقلو، الكثير من الشكوك والريبة، باعتبار أن واشنطن تدرك تماماً الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في دعم وتمويل ميليشيا الدعم السريع بالأسلحة والذخائر والمواد الغذائية الأدوية، مما يساهم في إطالة أمد هذه الحرب، ومع ذلك تغض الطرف عنها، وتفاجئنا بفرض عقوبات على القوني، ( عينك في الفيل وتطعن ضلو)، وتبدو المخاوف حاضرة بأن تكون العقوبات المفروضة على القوني ليست سوى مسرحية ساذجة، تكون مدخلاً لفرض عقوبات مماثلة على جنرالات في القوات المسلحة السودانية، خاصة بعد أن فشلت كل المحاولات الإقليمية والدولية في جرِّ الجيش إلى طاولة التفاوض، عموماً ننتظر ما يحمله الغد في جعبته، وإن غداً لناظره قريب.