أخبار السودان

لأكثر من ١٨ شهراً من التكتيك والتخطيط…الجيش السوداني .. العبـرة بالخـواتيم

متابعات-الراي السوداني-رغم عدم تكافؤ القوة في لحظة الصفر، امتصّت القوات المسلحة الصدمة الأولى..

 

 

 

 

التزمت القوات المسلحة سياسة ( الحفر بالإبرة)، ومارس طول النَفَس ودمّر تدمير القوة الصلبة للميليشيا..

 

 

 

 

الفريق تاور: الجيش ابتكر أنماطاً جديدة بإنشاء وحدات قتالية أثناء المعركة..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفريق حنفي: إعادة هيئة العمليات إلى الخدمة، ودخول القوة المشتركة، علامات فارقة في مسار الحرب..

 

 

 

 

 

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

 

 

 

 

أكد مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن ياسر عبد الرحمن العطا أن الخطة الاستراتيجية الشاملة التي وضعتها القيادة العليا للجيش تسير بصورة طيبة، وطمأن العطا من خلال حديثه لقناة الزرقاء الشعب السوداني، بأن الموقف التعبوي والتكتيكي الذي يخدم الخطة الشاملة لمسرح العمليات، يمضي في كل محاور وجبهات القتال بشكل متميز، وزاد” قطعنا شوطاً في إعداد القوات وتجهيزها لكافة العمليات القتالية والأمور مطمئنة للغاية”.

 

 

 

 

 

 

مياه تحت الجسر:

 

 

 

 

 

 

وما بين الخامس عشر من أبريل 2023م، والتاسع عشر من أكتوبر 2024م جرت الكثير من المياه تحت الجسر، فبات الجيش اليوم أقوى عدة وعتاداً وعدداً مقارنة بلحظة اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع، فوقتئذٍ لم تكن القوات المسلحة بذات الجهوزية، بل كان فؤادها فارغاً من كل ما هو متعلق بخيانة وغدر ميليشيا آل دقلو رغم الإرهاصات التي استبقت ساعة الصفر، وإلا فكيف تضع الميليشيا يدها على عدد من الرتب العليا في الجيش وتحتجزها من منازلها رهائن لديها؟ ومع ذلك امتصّت القوات المسلحة الصدمة الأولى، واستجمعت أنفاسها رغم حصار قاداتها، وبدأت في وضع الخطط والاستراتيجيات مستعينة بخبراتها وقدراتها التكتيكية، فنجحت ومن خلال سلاح الجو في تدمير القوة الصلبة للميليشيا التي شُلّت يدها، وتبخرت خططها في الاستيلاء على السلطة خلال ساعات، وهي ترى الطيران والقصف المدفعي للجيش يهدُّ مبنى رئاستها التي تقع على بعد خطوات من القيادة العامة.

 

 

 

 

 

 

 

فأدى ذلك إلى انقطاع الاتصال والتواصل المباشر ما بين قيادة المتمردين ومنسوبيهم في الميدان، ثم اتجه الجيش لضرب المعسكرات والمقرات الاستراتيجية التي كانت الميليشيا معنية بحراستها، فأطار ذلك صواب الميليشيا التي بدأ قائدها يزبد ويرغي ويتوعد على شاشات الفضائيات ويتلفَّظ خارج نطاق اللباقة والكياسة والأدب.

 

 

 

 

 

 

حرب الحفر بالإبرة:

 

 

 

 

 

 

 

لقد استحضرت القوات المسلحة كل خبراتها ومعارفها الأكاديمية والفنية التي اكتسبتها على مدار نحو 100 عام ووظَّفتها خلال هذه الحرب، لقد تجنّب الجيش في بواكير العمليات المواجهات المباشرة مع ميليشيا الدعم السريع، وهيّأ نفسه لمسيرة حرب طويلة، ملتزماً فيها سياسة الحفر بالإبرة، معتمداً على التوازن، والاقتصاد في القوة، فعمل على استنزاف ميليشيا الدعم السريع بإنهاك قواتها البشرية، وتحييد عملية وصول الإمداد بالسلاح والذخائر والمتحركات والوقود،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ومع مرور الوقت دبَّ اليأس في نفوس الميليشيا، وتبدد حلم الاستيلاء على السلطة خلال سويعات أو أيام معدودات، خاصة بعد تواتر الأنباء على إصابة قائدها واختفائه عن المشهد الميداني، وخفض صوت إطلالته الإعلامية، وفي الأثناء كانت القوات المسلحة ترتب نفسها وتنظِّف أذيال صفوفها من ما علق بها من خيانة وغدر فاستطاعت أن تلملم أطرافها وتمارس هوايتها في توجيه الضربات الموجعة لميليشيا آل دقلو التي تفرقت بها السبل بعد أن فقدت معظم معسكراتها ومقراتها في الخرطوم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

، وحوّلت فوهات بنادقها من الجيش إلى صدور المواطنين الأبرياء والعزل باستباحة المنازل والأعيان المدنية ومرافق الخدمات الضرورية، فمارست الميليشيا على المواطنين كل جرائم الحرب والجرائم اللا إنسانية، وهجّرتهم قسرياً من بيوتهم ومنازلهم.

 

 

 

 

 

 

علامات فارقة:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يقول الفريق حنفي عبد الله أفندي، الخبير العسكري، والباحث في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، والمدير العام لمركز السودان لمكافحة الإرهاب، إن إعادة هيئة العمليات إلى الخدمة، وبروز الدور المهم للعمليات الخاصة، كان من العلامات الفارقة في مسيرة هذه الحرب، بالإضافة إلى المستنفرين والمتطوعين من المعاشيين،

 

 

 

 

 

 

 

ودخول القوة المشتركة التابعة لحركات سلام دارفور إلى ميدان العمليات والدور المتعاظم الذي تضطلع به في محاور وجبهات القتال المختلفة وتحديداً محور دارفور والهزائم التي ألحقتها بالجنجويد في الفاشر، والزُرق، وجبل مون، وغيرها،

 

 

 

 

 

 

ويؤكد الفريق حنفي في إفادته للكرامة أن هذه التطورات كانت لها جوانب إيجابية دفعت بالجيش للتحرك من خانة الدفاع إلى الهجوم، منوهاً في هذا الصدد إلى أول عملية هجوم منسقة قام بها الجيش عندما تمكن من فك الحصار عن قوات سلاح المهندسين جنوب أم درمان،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ونجح في إحداث اختراقات في صفوف ميليشيا الدعم السريع، ما سمح لقوات وادي سيدنا (شمال أم درمان) من الالتحام مع قوات سلاح المهندسين وإدخال تعزيزات عسكرية وإمدادات غذائية، فكان ذلك إيذاناً بمرحلة جديدة دخلتها القوات المسلحة من خلال التقدم وتطهير معظم محليات أم درمان القديمة،

 

 

 

 

 

 

 

ثم كان العبور الأكبر في السادس والعشرين من سبتمبر 2024م عندما التحمت قوات أم درمان مع القوات المرابطة في الخرطوم والخرطوم بحري، ونتج عن ذلك الانتصارات الكبيرة التي شملت مناطق واسعة من شمال الخرطوم بحري، ومناطق حطاب، وحصار ميليشيا الدعم السريع في مصفاة الجيلي،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هذا فضلاً عن الدور المهم لدروع منطقة الشجرة في توسيع خارطة استعادة مناطق واسعة في محيط سلاح المدرعات بالشجرة وجبرة واللاماب وصولا إلى مناطق المقرن، مع استمرار استهداف مواقع وارتكازات الميليشيا المتمردة وسط وجنوب وشرق الخرطوم، وشرق النيل بالخرطوم بحري.

 

 

 

 

 

 

 

فوارق عسكرية وأكاديمية:

 

 

 

 

 

 

 

كانت هنالك نوايا واضحة للدعم السريع في إشعال فتيل هذه الحرب من خلال إظهاره للعدوان، وعدم إطاعته للأوامر، وعدم الاستجابة للتعليمات، هكذا ابتدر الخبير العسكري والقانوني الفريق دكتور جلال تاور حديثه مبيناً أنه في صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م لحظة انطلاق الشرارة الأولى للحرب، كان عدد القوات المسلحة لا يتجاوز10000 جندي، في حين أن عدد ميليشيا الدعم السريع كان يصل إلى 120000 جندي، ونحو 10000 عربة لاندكروزر كاملة العدة والعتاد،

 

 

 

 

 

 

 

بالإضافة إلى تجهيزات واستعدادات كبيرة، وأكد الفريق تاور أنه لم يكن هناك تكافؤ في القوة، ومع ذلك امتصَّت القوات المسلحة الصدمة بفعل تراكم الخبرات، والتخطيط العسكري والدراسات العسكرية، والدورات الحتمية، والزمالة العسكرية والتدريب والتأهيل الأكاديمي والفني في الكلية الحربية،

 

 

 

 

 

 

 

منوهاً إلى أنه طوال عام ونصف العام من عمر هذه الحرب، لم يستطع الدعم السريع احتلال وحدة عسكرية فنية، مثل سلاح المدرعات، وسلاح المهندسين، وسلاح الإشارة، وسلاح الطيران، بالإضافة إلى السيطرة على كامل القيادة العامة التي تضم كل الوحدات، وزاد الفريق تاور ” بالعكس كانت القوات المسلحة قادرة على التعامل مع الموجات المتكررة من الهجمات الكبيرة التي كانت تنفذها ميليشيا الدعم السريع على المدرعات والقيادة العامة وسلاح المهندسين وغيرها.

 

 

 

 

 

 

 

قاصمة ظهر الميليشيا:

 

 

 

 

 

 

 

ويرى الفريق حنفي عبد الله أفندي، الخبير العسكري، والباحث في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، أنه وبعد مرور عام ونصف من الحرب ووفقاً لموازين القوى فقد فقدت الميليشيا المتمردة قوتها الصلبة ومعظم قياداتها المدربة، وتسللت الكثير من المناطق من بين يدي سيطرتها، وهناك مناطق أخرى مهددة بفقدانها، أو واقعة تحت الحصار، منوهاً إلى تناقص مريع في العناصر القتالية، وفي الوقود والعناصر المقاتلة مما جعلها تلجأ إلى استخدام قليلي الخبرة وفاقدي الوازع،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مشيراً إلى وجود صعوبات في المؤن في ظل استهداف الجيش لسلاسل الإمداد، وقال الفريق حنفي عبد الله إن ميليشيا الدعم السريع تعرضت لضربات قوية كانت بمثابة قاصمة الظهر، وأدت إلى انهيار روحها المعنوية،

 

 

 

 

 

 

ومن ذلك غياب قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو والأسئلة المتداولة حول غيابه الأبدي فرضا، وغيابه القسري مع نائبه، ومقتل قيادات الميليشيا الميدانية مثل اللواء علي يعقوب، والمقدم البيشي، وافتقاد الميليشيا للكثير من حواضنها الاجتماعية، والهزائم التي تلقتها في الفاشر والمدرعات وجبل موية، وفي ولاية الخرطوم، جميعها تعد ضربات قاصمة للميليشيا، وستشكل البداية الحقيقية لنهايتها الحتمية.

 

 

 

 

 

 

 

أنماط مبتكرة:

 

 

 

 

 

 

وأشار الخبير العسكري والقانوني الفريق دكتور جلال تاور إلى مرحلة مهمة انتقلت إليها القوات المسلحة خلال هذه الحرب، تمثلت في ابتكار أنماط جديدة من الوحدات القتالية أثناء المعركة، مثل قوات العمل الخاص التي قال إنها تتكون من محترفين من جهاز الأمن والمخابرات، ومن الاحتياط المركزي، ومن القوات الخاصة، حيث انتهجت هذه القوات ذات أسلوب ميليشيا الدعم السريع في المواجهة والخفة والسرعة، وبجانب قوات العمل الخاصة برزت قوة خاصة داخل سلاح المهندسين أطلقت على نفسها (فاغنر).

 

 

 

 

 

 

 

وهي قوات خاصة خلاف القوات الخاصة المحترفة داخل الجيش والتي تتميز بالتأهيل والتدريب العالي، ولكن ( فاغنر ) أو قوات (ركوب الرأس) وهو الاسم الذي اشتهرت به داخل الجيش، فإنها تنطلق من وعي وطني وانتماء وجداني وفدائية، وإصرار على مهاجمة مواقع العدو، وقد ألقت هذه القوات الرعب في قلوب الميليشيا المتمردة،

 

 

 

 

 

 

 

ونوه الخبير العسكري الفريق جلال تاور إلى محورين مهمين كان لهما الأثر الكبير في ترجيح الكفة لصالح الجيش، يتمثل الأول في اعتماد القوات المسلحة منهجية تحديث الأسلحة بما يتناسب مع ضرورات المعركة والخطط والاستراتيجيات، مما ساهم بشكل كبير في ترجيح الكفة مع مرور الحرب لصالح الجيش، حيث ظهرت الفوارق ما بين الشغل العلمي والمدروس، والشغل العشوائي الذي تقوم به الميليشيا المتمردة والذي يعتمد على الهجوم وتكثيف النيران والهروب،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وأبان الفريق تاور أن المحور الثاني يتمثل في حملة الاستنفار وسط الشعب الذي تحول معظمه إلى جيش يقاتل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، ويدعمها معنوياً بقوافل الدعم والإسناد وتقديم المعينات والزاد، ونبه إلى فكرة لميليشيا الدعم السريع، وصفها بالغبية وهي تحويل الميليشيا حربها إلى المواطنين بالقتل والسحل والاغتصاب والنهب والسلب والإذلال واحتلال المنازل مما أدى إلى كراهية كبيرة لهذه القوات في نفوس المواطنين وحتى في نفوس من كانوا يتعاطفون معها من ( جماعة الإطاري).

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة مهمة:

 

 

 

على كلٍّ، وبعد مرور أكثر من 18 شهراً على اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، نجد أن القوات المسلحة تمتلك زمام المبادرة في جميع مسارح العمليات بعد أن نجحت في امتصاص صدمة الانقلاب في بواكير الحرب، فوقفت سريعاً على أقدامها، وأخذت بأسباب القوة، واستطاعت معالجة كل نقاط الضعف التي ظهرت، وحولتها إلى نقاط قوة، وكسبت إجماعاً شعبياً غير مسبوق، كما أن الدور الدبلوماسي الذي لعبته الحكومة في تغيير مفاهيم الرأي العام الإقليمي والدولي بشأن انتهاكات ميليشيا الدعم السريع، ساهم بشكل متعاظم في رفع الروح المعنوية للجيش وفي انهيار ميليشيا الجنجويد، التي بات أمر نهايتها أقرب إلينا من حبل الوريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى