الدعم السريع فقد العديد من قياداته الميدانية في الآونة الأخيرة.. الميليشيا المتمردة.. فقـدان البوصـلة..
خلال 5 شهور فقد الجنجويد أبرز قيادتهم الميدانية بالموت أو الاختفاء أو الاستسلام..
تأثيرات واضحة لغياب القيادات الميدانية على انضباط الميليشيا..
القوة المشتركة: الجنجويد فقدوا قوتهم الصلبة، واستسلام بقية قياداتهم الميدانية أمر وارد..
علي ميرغني: يختلف تأثير كل قائد عن الآخر، وفقاً للثقل القبلي والنفوذ الشخصي..
العميد معاوية: الميليشيا تعاني من خيبة أمل وفقدان ثقة في قادتها، ويمكن أن تنهار في أي لحظة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
استسلام اللواء أبو عاقلة كيكل بكامل قواته ومعداتها وآلياتها الحربية وخضوعه للقوات المسلحة وانحيازه للوطن ورجعوه للحق، شغل بال المشهد السوداني، وأقام الوسائط ولم يقعدها، عطفاً على أهمية كيكل وما يتمتع به من نفوذ في ولاية الجزيرة التي يعتبر فيها رجل مليشيا الدعم السريع الأول،
وبحسب مراقبين فإن استسلامه تعتبر صفعة قوية في وجه الميليشيا المتمردة التي ظل قادتها الميدانيون يتساقطون خلال الفترة الماضية تساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف.
فقدان قيادات ميدانية:
وفقدت ميليشيا الدعم السريع في الآونة الأخيرة عدداً مهولاً من قياداتها الميدانية المؤثرة في مختلف محاور وجبهات القتال كان أبرزهم اللواء علي يعقوب جبريل قائد الدعم السريع بولاية وسط دارفور ومسؤول العمليات بمحور شمال دارفور الذي لقي مصرعه في يونيو الماضي 2024م
على خلفية الهجوم الذي نفذته الميليشيا على مدينة الفاشر، وفي تخوم الفاشر أيضاً فقد المتمردون العميد عبد الرحمن قرن شطة في سبتمبر الماضي 2024م، وقبله فقدت الميليشيا قائدها الميداني في قطاع جنوب كردفان عبد المنعم شيريا في تخوم مدينة الأبيض في مايو الماضي 2024م، وقبله قُتل المقدم عبد الرحمن البيشي قائد قطاع النيل الأزرق بميليشيا الدعم السريع جراء غارة جوية استهدفته في مدينة سنار في يوليو الماضي 2024م.
اختفاء غامض:
وبخلاف فقدان ميليشيا الدعم السريع قياداتها المؤثرين ميدانياً، فقدت الميليشيا قيادات باختفائها المفاجئ عن المشهد العملياتي كاللواء ركن عثمان محمد حامد الشهير بعثمان عمليات الذي (دخل القش ما قال كش)،
حيث يعتبر عثمان عمليات من العناصر الفاعلة في التخطيط والتكتيك الميداني لتمتعه بنفوذ متصاعد في رزنامة القيادات الميدانية لميليشيا الدعم السريع، ولكن طبيعة تركيب الميليشيا المتمردة القائمة على الولاءات القبلية خصمت كثيراً من نفوذ عثمان عمليات الذي يكتنف غيابه عن المشهد غموض كثيف..
ومثل اللواء عثمان عمليات اختفى النقيب سفيان محمد زين بريمة والذي تم إبعاده من القوات المسلحة بتهم تتعلق بالفساد، فانضم سفيان لميليشيا الدعم السريع، وكانت له تأثيرات معنوية كبيرة في صفوف الميليشيا عبر الإطلالات المباشرة، ومقاطع الفيديو التي كان يظهر فيها في بواكير الحرب،
ولكنه لم يلبث وأن اختفى عن المشهد تماماً، واختفى عن مشهد العمليات القتالية اللواء النور قبة، أحد أبرز قادة ميليشيا الدعم السريع في دارفور، حيث ظل قبة مختفياً عن الأنظار منذ مقتل قائد القوات علي يعقوب في الفاشر.
قاصمة ظهر:
غياب القيادات الميدانية المدربة والمحترفة، ذات الكارزيما المؤثرة على مستوى قيادة العمليات في مختلف جبهات ومحاور القتال، سواءً بالاختفاء القسري عن طريق الموت، أو الاختفاء الشخصي لتقديرات خاصة، يعتبرها مراقبون بمثابة قاصمة ظهر للميليشيا المتمردة التي افتقدت البوصلة تماماً ومارست نوعاً من الفوضى وعدم الانضباط منذ الغياب الغامض لقائدها العام محمد حمدان دقلو،
وهروب قائدها الثاني عبد الرحيم دقلو، حيث ظلت الميليشيا المتمردة تتحرك في ميادين القتال تحت إمرة قيادات وسيطة مثل جلحة وبرشم والسافنا،
وأصبحت استراتيجية ميليشيا الدعم السريع تقوم على نظام حرب العصابات بالكر والفر، الأمر الذي أفقد المتمردين الكثير من الميزات وجعل القوات المسلحة ومنذ السادس عشر من فبراير 2024م، تأريخ عملية الاقتران التأريخي الناجح لقوات وادي سيدنا بالقوات المرابطة في سلاح المهندسين بأم درمان، تمتلك زمام المبادرة على كافة المسارح والجبهات.
تأثيرات متفاوتة للقيادة:
ويقول الخبير العسكري مقدم ركن متقاعد علي ميرغني بضرورة النظر لتأثير كل قائد على حده، وأبان أن بعضاً من قادة الميليشيا المتمردة يمتاز بثقل قبلي أو شخصي، مثل اللواء علي يعقوب الذي وصفه بغير المؤثر من الناحية العسكرية،
وزاد: ” بمعنى أن فعاليته عملياتياً غير مؤثرة، فإذا تم تجريده من رتبة اللواء نجده لا يختلف كثيراً عن أي جندي، ولكن له ثقل وكارزيما تجعل مقتله ذا تأثير سالب ويدفع كثيرين للانسحاب من ميادين القتال”
وأقرَّ الخبير العسكري علي ميرغني، بتأثير اللواء عثمان محمد حامد ( عمليات) على سير العمليات لخبرته القتالية وقدرته على تقدير الموقف ووضع الخطط العسكرية التي أدت لتطاول أمد الحرب، بيد أنه إذا رجع للجيش أو تم تحييده، فسيكون تأثيره محصوراً في فقط التخطيط للعمليات العسكرية، ولن يكون له تأثير على العديد من جنود الدعم السريع، لعدم وجود أي رابط دم أو قرابة معهم، ورابطة الدم هي الالتزام الأقوى في استمرارية الفرد ضمن هذه القوات،
منوهاً إلى الأهمية التي يتمتع بها أبو عاقلة كيكل الذي قال إنه يمتلك كارزما عالية وقدرة على جذب الأفراد وإقناعهم بالانضمام للدعم السريع، لكنه بلا خبرة عسكرية أو دراية بالتكتيكات،
مؤكداً أن انحياز كيكل للقوات المسلحة سيخصم من ميليشيا الدعم السريع من حيث وجودها في كل المنطقة المحصورة بين الفاو وشرق الجزيرة حتى شرق الجيلي وشندي، هذا فضلاً عن إزاحة عبء عسكري كبير عن كاهل القوات المسلحة التي كانت مجبرة على وضع قوات احتياط وقطع، في سهول البطانة بقدرات ذات مناورة عالية وسرعة تحرك من أجل تأمين مدن مثل شندي والدامر وحلفا الجديدة، من أي تهديد من قوات كيكل.
خيبة وفقدان ثقة:
قطعاً استسلام أبو عاقلة كيكل وغياب الكثير من قادة الميليشيا المتمردة عن مشهد العمليات، سيكون له تأثيرات سلبية في عدة جوانب، هكذا ابتدر العميد الخبير العسكري العميد معاوية علي عوض الله ،
منوهاً إلى انعكاس هذا الواقع على خفض الروح المعنوية لمنسوبي الدعم السريع الذين ستصيبهم خيبة كبيرة ويفقدون الثقة في ما تبقى من قادتهم الميدانيين بإمكانية الاستسلام للجيش في أي لحظة مما ينذر بانهيارهم الكامل في أي وقت، وفي مقابل ذلك ستبلغ معنويات القوات المسلحة والقوات المساندة لها عنان السماء،
وأبان العميد معاوية علي عوض الله، أن جبهات ومحاور القتال ستشهد خلال الأيام المقبلة المزيد من الضربات الموجعة التي ستطال الميليشيا المتمردة، وربما تحدث صراعات وانقسامات داخلها جراء هذا الواقع بغياب قيادات ميدانية مؤثرة.
بداية نهاية الميليشيا:
الرائد أحمد حسين مصطفى الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح أن ميليشيا الجنجويد فقدوا الكثير من قياداتهم الميدانية وخاصة على أسوار مدينة الفاشر، الأمر الذي انعكس على القضاء على قوتهم الصلبة، وقال الرائد أحمد حسين إن استسلام بقية قيادات الميليشيا الميدانية أمر وارد عطفاً على ما تم من تكسير شوكتهم، مؤكداً أن ميليشيا الجنجويد غير قادرة حالياً على الهجوم مثلما كانت عليه في بواكير الحرب،
مبيناً أن استسلام أبو عاقلة كيكل له مآلات كثيرة على مجريات الحرب في البلاد، مما يعني بداية العد التنازلي لانتهاء هذه الميليشيا ومرتزقتها، وبالتالي انتهاء الحرب.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ،، تبدو قصة ميليشيا الدعم السريع في طريقها إلى كتابة نقطة النهاية، في ظل احتجاب القيادات الرئيسة عن المشهد العملياتي، سواءً بالموت أو الاختفاء أو الاستسلام، مما يجعلها تفقد البوصلة وتبقى على شفا حفرة من الانهيار والذي بات وشيكاً
عطفاً على استمرارها في تلقِّي الضربات الموجعة من قبل القوات المسلحة، والقوة المشتركة، والقوات المساندة لها، من القوات النظامية، والأجهزة الأمنية، والمستنفرين، فهل ستمضي رياح العمليات الميدانية، وفقاً للجيش وما يريد، وعكساً على ما تشتهي سفينة الجنجويد؟.