أخبار السودان

على ماذا يدل خطاب حميدتي الأخير وماهي خطوات الدعم السريع القادمة في 2025؟

في خطاب اليوم، حاول قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن يخفي آثار الهزائم التي تعرضت لها قواته في الآونة الأخيرة، وكان واضحًا في محاولاته لتحسين صورته أمام العامة.

 

قد نجح إلى حد ما في إخفاء تداعيات الهزائم على وجهه ونبرة صوته، ولكن بالرغم من ذلك كانت تعبيراته لا تعكس الحماس أو التفاؤل الذي يتوقعه البعض في مثل هذه المواقف الصعبة. ولعل أكثر ما لفت الانتباه في الخطاب هو عجزه عن تقديم كلمات قادرة على رفع الروح المعنوية لقواته التي تعاني من الهزائم المتتالية، فضلاً عن انخفاض الروح المعنوية بشكل عام في صفوفها.

 

في الوقت نفسه، يظهر أن هناك تحركات عسكرية لصالح قواته، حيث يبدو أن المليشيا قد تلقت إمدادات عسكرية أو أنها في طريقها. من المرجح أن تشمل هذه الإمدادات أسلحة نوعية قد تكون محورية في تغيير مجريات المعركة لصالح قواته. هذه الإشارة لوجود أسلحة نوعية قد تحمل في طياتها تهديدًا أكبر للمناطق التي تسيطر عليها القوات الأخرى، مما يعني أن المعركة قد تأخذ منحنى أكثر تعقيدًا في الأيام القادمة.

 

وقد يشير هذا إلى تصعيد محتمل في العنف والصراع، خاصة مع تحركات المليشيا في المناطق الحيوية.

بجانب ذلك، لم يتوان حميدتي عن تهديد المواطنين في مناطق سيطرة الجيش السوداني، إذ توعد بزعزعة أمنهم، وهو ما يبدو أنه تهديد واضح موجه نحو مدينة بورتسودان بشكل خاص. هذه التهديدات قد تؤدي إلى تصعيد الوضع الأمني في المدينة،

 

وربما نشهد قريبًا مسيرات أو احتجاجات في تلك المنطقة على خلفية هذه التصريحات، مما قد يعمق الأزمة الحالية ويزيد من تعقيد الوضع السياسي والاجتماعي في السودان. تهديداته ليست فقط موجهة للجيش، بل تمس الأمن الداخلي للمواطنين، وهو ما يرفع مستوى التوتر في العديد من المناطق.

 

حميدتي قائد الدعم السريع
حميدتي قائد الدعم السريع

 

أما على صعيد الخطاب السياسي، فقد استمر حميدتي في تعزيز خطاب العنصرية الذي بدأه في خطابه الأخير، وهو ما يعكس محاولاته المستمرة لتحشيد المزيد من المؤيدين حول هذا التوجه. هذه المحاولات قد تساعده في استنفار الشباب وتحفيزهم للانضمام إلى صفوفه من خلال خطاب يستغل المشاعر القومية والمناطقية.

 

 

كما تمسك أيضًا بنظرية المركز والهامش التي يروج لها منذ فترة، وهو يحاول التلاعب بمشاعر المواطنين في المناطق الهامشية، خاصة في محاولته التلاعب بقضية الكنابي في دارفور، ومداعبًا دولة جنوب السودان في مسعى لخلق نوع من التحالفات الإقليمية. هذه المحاولات لا تقتصر على تحشيد الرأي العام الداخلي، بل تهدف إلى توسيع دائرة النفوذ الإقليمي.

 

 

في إطار آخر، لم يكن الخطاب خاليًا من الإشارات الواضحة لخطط عسكرية قيد الإعداد. فقد ذكر حميدتي بأكثر من مناسبة مناطق معينة بـ”هناك”، وهو تعبير يتجاوز الأحاديث العامة إلى رسائل مشفرة حول نوايا المليشيا في الهجوم على بعض الولايات السودانية، وهو ما قد يكون بداية لموجة جديدة من التصعيد العسكري.

 

كما ردد جملة “الغربال شغال” مرتين، مما يعكس بوضوح الخلافات الداخلية المتصاعدة في صفوف قواته. هذه الإشارة قد تحمل تهديدًا ضمنيًا للتعامل مع هذه الخلافات داخليًا، مما يعكس حالة من القلق والانقسام داخل المليشيا. وفي هذا السياق، من المحتمل أن يكون لهذا الخلاف أثر سلبي على كفاءة العمل العسكري والتنظيمي.

 

 

ومن الملاحظ أيضًا أن حميدتي حاول تثبيت فكرة أن “الكيزان” هم العدو اللدود لقواته، وركز هجومه على البرهان، مغفلًا الحديث عن الأحزاب السياسية أو الحركات المسلحة الأخرى.

 

 

هذه الاستراتيجية تهدف إلى إظهار نفسه كخصم للأنظمة السياسية السابقة، مما يساهم في بناء شرعية سياسية جديدة لنفسه في ظل الوضع القائم.

 

كما تجاهل المجتمع الدولي في خطابه، مما يعكس استراتيجيته في التقليل من أهمية الضغوط الخارجية، وتأكيد قدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بنفسه دون الحاجة لدعم خارجي. هذه التصريحات قد تزيد من انعزاله على الساحة الدولية، ولكنها تساهم في تقديمه كقائد مستقل قادر على اتخاذ قراراته بنفسه.

أما بخصوص موضوع جلحة، فقد عمد حميدتي إلى تجنب ذكره بشكل مباشر، على الرغم من أن الإشارات غير المباشرة حول “الغرابان” قد تكون محاولة لتلميح إلى ردة فعل بعض قيادات المليشيا بعد مقتل جلحة.

 

 

يبدو أن حميدتي كان حريصًا على عدم إعادة فتح الجرح القديم الذي قد يثير المزيد من الجدل حول مقتل أحد أبرز قيادات المليشيا في ظروف غامضة. هذا التجنب يعكس الحساسية الشديدة التي يحملها الموضوع بالنسبة له، ويؤكد على محاولته الحفاظ على تماسك صفوف قواته من خلال إغلاق بعض الملفات الحساسة.

 

 

بشكل عام، لم يحمل خطاب حميدتي جديدًا على صعيد المواقف الظاهرة، ولكنه مليء بالتوترات والتهديدات التي قد تؤثر بشكل كبير على تطورات الوضع السياسي والعسكري في السودان.

 

 

ربما تكون هذه التصريحات مؤشرًا على تصعيد قادم قد يحمل في طياته الكثير من الاضطرابات الأمنية والسياسية في الأيام المقبلة، مما يزيد من تعقيد المشهد السوداني الذي يعاني من أزمات متعددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى